شباب الكويت و الحراك السياسي ..
قد تبدو الكويت دولة صغيره تقع في شرق الخليج العربي ، بتعداد سكاني محدود ، و جغرافيا ذات تضاريس متشابهه ، ونشاط اقتصادي محدود ، وحكم عائلي مستقر على مر ثلاث عقود ، لكن هذا ليس كل شي ، فـ بالاضافة الى كل ذلك كانت الكويت ايضاً أمارة تعيش حراك سياسي مثير بدأ مبكراً منذ بداية العشرينيات في القرن الماضي تأسس من خلاله اول مجلس استشاري يتشاور مع الحاكم في شؤون البلاد ، ولان الخطوة تعتبر متقدمة قياساً. بتلك المرحلة ، واجهت كالعاده مقاومة قوية من السلطة ادت في النهايه الى افشالها ، ولكن رغم ذلك لم يسكن الشباب الكويتي الى الهدوء بل واصل المقاومة والنضال ودفع ثمن ذلك من دماء وسجن حتى حصل على المجلس التشريعي الاول عام ١٩٣٨ الذي ايضاً لم يصمد امام تسلط السلطة الحاكمه فـ انتهت التجربة بالفشل .
وبعد الاستقلال وتزايد الضغوط الشعبية على السلطة حصل في النهايه مراد الكويتيين بـ اعلان مجلس تأسيسي يضع دستور للدولة يضمن المشاركه الشعبيه فيه ، بـ خطوة تعتبر متقدمه جداً على مستوى الشرق الاوسط في حينه اثمرت عن برلمان ١٩٦٣ ، واكتساح كبير للقوى الشبابية الوطنية بـ زعامه الخطيب و القطامي وغيرهم من القوى الوطنية .
ما ذكرنا سالفاً دون تعمق كثير في تفاصيله وتفاصيل ما بعده ، كانت لـ هدف وحيد ، وهو تأكيد على دور الشعب الكويتي في صنع تاريخ وطنه و قراره السياسي ، وحفظه لـ حقوقه السياسيه والانسانية منذ نشأت الدولة ، فـ حراك الكويتيين السياسي لم يكن يوماً امراً طارئاً ، او مدفوع من اطراف خارجيه ، بل كان دائماً وطنياً جامعاً ، لم يكن يوماً خروج لـ هدف فئوي او طائفي ، بل تعبير وطني ، وإحساس من الشباب بـ دورهم التاريخي في نهضة الوطن ، وإيمان كامل بالدولة الديمقراطية ، الدولة التي تقوم على مؤسسات يفصل بينها دستور ترجع فيه السيادة لـ الأمة ، كل الأمة ، لا طائفة معينه ولا جماعه سياسيه معينه ، او طبقة اجتماعية ، ولان هذه الاهداف لازالت لم تتحقق بشكلها الكامل ، لازال هذا الحراك الشبابي يعبّر ويقاوم ويدافع من اجلها ، فـ هو رغم تأثره بـ موجه الربيع العربي الاخيرة ، لكن بالتاكيد لم يكن تعبير كامل عنها ، بقدر ما كان تأصيل ومواصل للدور التاريخي الاول للحراك الاول بداية العشرينيات .